کد مطلب:168066 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:266

فضل کربلاء و قداسة تربتها
أعطیت أرض كربلاء حسب النصوص الواردة من الشرف ما لا تُعطَ أیّ بقعة من بقاع الارض حتّی مكّة المعظّمة منذ أن خلق اللّه الارض.

ففی حدیث علی سبیل المثال لاالحصر عن الامام السجاد(ع) أنه قال: (اتخذ اللّه أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن یخلق أرض الكعبة ویتخذها حرماً بأربعة وعشرین ألف عام. وإنه إذا زلزل اللّه تبارك وتعالی الارض ‍ وسیّرها، رُفعت كما هی بتربتها نورانیّة صافیة فجُعلت فی افضل روضة من ریاض الجنّة، وأفضل مسكن فی الجنّة، لا یسكنها إلاّ النبیّون والمرسلون أو قال: أولوا العزم من الرسل وإنّها لتزهر بین ریاض الجنة كما یزهر الكوكب لاهل الارض، یُغشی نورها أبصار أهل الجنّة وهی تنادی (أنا أرض اللّه المقدسة، الطیبة، المباركة التی تضمنت سیّد الشهداء وسید شباب أهل الجنّة). [1] .

وهی التی فی تربتها الشفاء كما قال الصادق (ع): (فی طین قبرالحسین (ع) الشفاء من كلّ داء، وهو الدواء الاكبر). [2] .


والاحادیث فی فضلها لم تنحصر فیما روی الشیعة عن أئمّة الهدی(ع) بل هی متوفرة أیضاً فی كتب بقیة الفرق الاسلامیة. فقد روی السیوطی ما یناهز علی عشرین حدیثاً عن أكابر ثقاة أبناء العامة،كالحاكم والبیهقی وأبی نعیم وأمثالهم. [3] .

وناهیك عن أنَّ قداسة بعض البقاع أو التُرَب لم تكن منحصرة فیما رواه العلماء سلفاً عن سلف عند الفریقین،بل إنّ السیرة العملیة المستمرة بین المسلمین منذ الصدر الاول وحتی فی زمن النبی الاعظم (ص) تحكی أنهم كانوا یقدّسون بعض البقاع والترب ویتبركون ویستشفون بترابها.

قال البرزنجی: (ویجب علی من أخرج شیئاً من المدینة ردّه إلی محلّه، ولایزول عصیانه إلاّ بذلك، نعم إستُثنی من ذلك ما دعت الحاجة إلیه من تراب الحرم للتداوی به منه! كترابب مصرع حمزة سیدالشهداء وتربة صهیب لاطباق السلف والخلف علی ذلك. [4] .

وهكذا استمرت هذه السیرة بعد زمن النبیّ (ص) أیضاً، فقد قال العلاّمة السمهمودی فی كتاب وفاء الوفاء: (لمّا توفّی النبیّ (ص) صاروا یأخذون من تربته الشریفة فأمرت عائشة بجدار فضُرب علیهم، وكانت فی الجدار كوّة فكانوا یأخذون منها فأمرت بالكوّة فسُدَّت. [5] .

ولم یقتصروا علی الاستشفاء بالتراب بل كانوا یقدّسون مواضع أقدام بعض أولیاء اللّه وغیر ذلك.واذا كان كذلك فكیف لاتُقدّس تربة ابن الرسول الاعظم


وریحانته وقلذة كبده وبضعته، وهی أطیب تربة وأزكاها!؟

وعن الامام الصادق (ع) أنه قال: (إنّ فاطمة (ع) بنت رسول اللّه (ع) كانت سبحتها من خیط صوف مفتّل معقود علیه عدد التكبیرات، وكانت تدیرها بیدها تكبّر وتسبّح حتی قتل حمزة بن عبدالمطلب، فاستعملت تربته، وعملت التسابیح، فاستعملها الناس، فلما قُتل الحسین صلوات اللّه علیه عدل بالامر الیه، فاستعملوا تربته لما فیها من الفضل والمزیّة. [6] .

وقال العلامة كاشف الغطاء: (... حمزة دفن فی أُحد وكان یسمّی سیّدالشهداء ویسجدون علی تراب قبره... ولما قتل الحسین (ع) صار هو سید الشهداء وصاروا یسجدون علی تربته. [7] .

واستمرت سیرة شیعة أئمة أهل البیت خصوصاً الی زمن الصادق (ع) حیث كانوا یحملون معهم (حمزة)، وهی كانت عبارة عن مقدار من التراب فی صرّة أعدّوها للسجود علیها، وقد تطوّرت إلی قطعة من تراب قبر الحسین (ع) بصورة ألواح تسهیلاً للمصلین ولما كان تعفیر الجبین والسجود علی الارض فریضة لكونه أبلغ فی التواضع فلماذا لایكون السجود علی أتقی وأزكی وأجود وأطیب وأقدس تربة فی الارض وهی تربة الحسین (ع) التی نطقت الاحادیث بفضلها. [8] .

وأئمة الهدی (ع) هم الذین أسسوا ذلك. فنری أول من صلی علی تربة الحسین (ع) واتخذها مسجداً الامام زین العابدین (ع). إذ بعد أن دفن جثمان أبیه (ع) أخذ قبضة من التربة التی وضع علیها الجسد الشریف وعمل منها سجادة


وسبحة وكان (ع) یدیرها حین دخوله علی یزید لعنه اللّه، وبعد ما رجع من الشام، وصار یتبرك بتلك التربة و یسجد علیها ویعالج بعض مرضی عائلته بها فشاع عند العلویین وأتباعهم واشیاعهم. [9] .

ومن بعد الامام زین العابدین (ع) تبعه فی ذلك ابنه الامام الباقر(ع)، ومن بعده الامام الصادق (ع) وهكذا.

ولعل من أسرار السجود علی تربة الحسین (ع) أنَّ السجود علی تربة الحسین (ع) یجعل المصلّی علی ذكرٍ دائم لما جری من المصائب والفجائع العظیمة علی الامام الحسین (ع) الذی حفظ بقیامه ضدّ الحكم الامویّ الطاغوتی وبشهادته: الاسلام المحمدیّ الخالص، والصلاة المحمّدیة، من عبث وتحریفات الفئة الباغیة والشجرة الخبیثة الملعونة فی القرآن، (أشهد أنّك قد أقمتَ الصلاة..)، فلولا قیام الحسین (ع) لما بقیت الصلاة، ولا كانت الزكاة، ولاُفرغ من معناه الامر بالمعروف والنهی عن المنكر، بل لما بقی الاسلام، وصحَّ تماماً ذلك القول الرائع: (الاسلام محمّدی الوجود حسینیّ البقاء!).

والذی ینبغی أن نشیر إلیه أنَّ تقدیس تربةٍ ما لاینحصر بالاستشفاء بها، بل حتّی بالسجود للّه علیها فهی بما أنها أرض طاهرة زاكیة ویجب السجود علی الارض، كان الاولی والافضل السجود علی تراب أقدس وأزكی وأطهر بقعة منها.

وما افتروه علی الشیعة فی قضیة السجود علی التربة الطاهرة الحسینیة بأنَّ السجود علی تربة الحسین (ع) ضرب من عبادة الاصنام والاوثان التی حاربها الاسلام. فهی مردودة للفرق بین السجود للشیء والسجود علی الشیء، فالشیعة تسجد للّه علی تربة الحسین لا لتربة الحسین (ع).



[1] المزار للشيخ المفيد: 34؛ وكامل الزيارات: 180، باب 88،رقم 4.

[2] المزار للشيخ المفيد: 125؛ وكامل الزيارات: 289، باب 91،رقم 4.

[3] راجع: الارض والتربة الحسينية: 33-34، محمد حسين كاشف الغطاء، مؤسسة أهل البيت، بيروت.

[4] نزهة الناظرين للبرزنجي، ص 116.

[5] وفاء الوفاء، 1:385.

[6] البحار، 101:133.

[7] الارض والتربة الحسينية: ص 49.

[8] الارض والتربة الحسينية: 50 -53.

[9] المصدر السابق.